mardi 4 mars 2014

الثورة 1 خواطر

أحاديث الليل
سبارتاكوس، لينين و تجار الثورة

الثورة ، شيء لا يمكن الحديث عنه بشكل جديد ، فالتاريخ السياسي لشعوب العالم يفرض اجترار التجارب السابقة لأن الثوري المعاصر لم ينتج نموذجا ثوريا جديدا يسعف الباحث المعاصر في تحليله لأوضاع الناس و الساسة .
الثورة ، بالنسبة للإنسان العادي كما لرجل السلطة ، كل ما من شأنه تهديد استقرار نظام حاكم . بينما الكلمة لا تحمل هذا القدر من التهديد إذا نظرنا في بداياتها ، و أدبياتها المتعارف عليها . فالثورة بناء تربوي أساسا . و لكل منا ما ارتضى .
النقاش الحر بين جميع طبقات المجتمع البشري ، العربي و الشعوب التي تحس بالاستبداد من حين لآخر أو بشكل دائم لا يتوقف عند تحديد مفهوم الثورة و هذا ما جعلها قابلة كمصطلح لكل انفعال جماهيري ( و الجمهور لم يحصل أن اجتمع حول قضية واحدة ) ، فالكتل البشرية المتمردة ضد من يقهرها ، ضد كتل أخرى ، أو ضد بعضها ، تسمي ردود الفعل التي تنتجها ثورة . فمقاومة الاستعمار و رفع الظلم الجائر للحكام ، المطالبة للتقاسم العادل للثروة ، الحروب الأهلية ، التنديد بشطط موظف بسيط في استعمال السلطة ، الاحتجاج ضد سوء المعاملة داخل مؤسسة مخزنية / حكومية .... كلها حالات يعتقد أصحابها اعتقادا رصينا أنها تدخل في ما يسمى بالثورة . و لا يمكن إخراج بعض المظاهر الاحتجاجية من هذه الدائرة لكن لا يمكن القبول بالكل داخل القاموس المفرد للكلمة .
لنترك لعلماء اللغة و السوسيولوجيين تحليل ذلك . لكن يمكن للكائن الاجتماعي العاقل البسيط أن يفتح أنظاره على زوايا مختلفة في مناقشة ظاهرة الثورة حيثما كان و حسبما ارتضى . فميزة الفكر المتحرر من القيود التاريخية و الاجتماعية هو قدرته على تقييم  الرأي الناتج عن الإنسان البسيط بنفس تقييمه للمقال العلمي في الظاهرة .
جمع نقاش عفوي ثلاثة شبان مغاربة حول موضوع الثورة ، أحدهم جزء من مشروع إسلامي كبير ، و الثاني مدون الكتروني و الثالث فضولي يتحدى . و غلب على النقاش عدم حضور مفهوم واحد لكلمة ثورة . و للمتلقي أن يفهم عدة أشياء أحيانا متناقضة من محادثة كهذه و قد لا يستفيد شيئا يذكر .
عدد كبير من الناس يظن أن الثورة موحدة لدى الجميع ، و الأجهزة الحكومية تظن ذلك بدورها ، فالمتمردون يمارسون الفكر الثوري خاصتهم ، و آليات القمع تمارس القمع ذاته لكل الثوريين . و كلاهما على خطأ .
الثورة بالنسبة لي كلمة مبهمة ، لا يجوز توظيفها في نقاشاتنا لأننا لا نعرفها و قد تكون تعبر عن شيء مغاير لما نريد . ثم إن لي رؤية خاصة في ما سمي بالثورات ، القديمة منها و المعاصرة . كانت مثلا حرب تحرير العبيد التي قادها سبارتاكوس ثورة ضد العبودية ، و كانت حربا على الطبقية بشتى أنواعها . ثم حملت ثورات أخرى ملوكا و حكاما إلى القبور بينما حملت الثورة البلشفية لينين إلى قمة الهرم الروسي و اسست لمجتمع جديد ، تجربة لم تنل حظها من التجريب بيما حظي الفكر اللينيني بالوقت الكافي للقراءة و النقد .
و قد تكفل ترورتسكي بالحفر في تمثال رفيقه ستالين ليفتتح بذلك عهدا جديدا في تقويم المسار الثوري و المحاكمة المعنوية لما قد يسمى " خيانة المشروع الثوري " .
ثم اقتبس الكيان الكردي بشمال العراق و الجنوب التركي نموذجه الثوري من مراجع متعددة حد التناقض إلى أن انفصل الفكر عن الواقع في التجربة الكردية و انطلقوا إلى الكفاح المسلح دون مراجعة المنهج الثوري أو حتى تعديله بشكل يضمن لتجربتهم التميز الإقليمي على الأقل ، و ها هم اليوم يساومون تركيا لتمكنهم من حكم ذاتي يغطون به حاجيات القياديين لا غير .
هل تسمى النماذج الانفصالية ثورات مثلا ، و هل الحق في تقرير المصير يشمل النظام الانفصالي مثلا ؟؟؟
للأسف نجد في المواثيق الدولية بنودا تشجع الانفصال و تسميه حركات تحررية و يكفي أن تحتج قبيلة في بلاد ما ضد سوء التدبير ليسمى الأمر حقا في تقرير المصير . و المصير لا أدري من جعله يشمل الانتماء الجغرافي و إلا من حق كل دولة التخلي عن القارة التي تنمي إليها لنجد افريقيا الوسطى مثلا تطالب بحقها في الانضمام الى أمريكا اللاتينية . و للأسف تقف عدة أنظمة حاكمة موقف النكران ضد مصالح و استحقاقات مناطقها المهمشة رغم أن الاستقرار ليس مبررا لطمس هويات الشعوب و قمع الأقليات .
الثورة قناع تقتنعه الكتل لتقوية مشاريعها التي لم تولد الفكر الثوري لكن داخل منطق تصفية الحسابات . ولكن الثورة لا زالت هي الخطاب الوحيد الذي يستطيع حشد الحشود الكبيرة للدفاع عن فكرة شخص واحد .
أوصلت موجات الربيع الديمقراطي الكثير من المعارضين إلى قصور الرئاسة و دهاليز الحكم في البلاد العربية بعد أن كانت حكرا على من يلمع حذاء السلاطين و الحكام و الجنرالات . لكن المفاجأة حصلت بعد تسلم السلط ، إذ مارس كل حاكم جديد ، أو حاول ، مشروعه الخاص في الحكم ، و اكتشفت حشود الثورة / الجماهير ، أن حكم الثائرليس منظبطا للثورة الأم . في تونس اكتشف التونسيون أن حزب النهضة لم يكن يخرج إلى الشارع لنفس الأسباب التي مات من أجلها البوعزيزي ، و في مصر الرئيس المنتخب يعزل بسرعة البرق و الشارع المصري فريقان يؤمنان بدولتين متناحرتين داخل دولة واحدة . و في بلادنا العربية كلها الثورة تنتج عنفا جديدا ضد الثوريين لا غير .
الثورة نسبية ، ملك للفرد و لا يمكن الجزم بأنها الثورة ذاتها عند نفس الكتلة البشرية . الثورة لم تنتج من وهم الشعوب بقرب إصلاح أوضاعها بل ولدت لتحارب الظلم لا لتنتج ظلما أكثر حدة . لكنها عبر التاريخ أنتجت ثوريين ينصبون جلاديهم في كراسي الحكام المعزولين.
إن التغيير يبدأ من الداخل ، دون استنساخ النماذج الثورية لكن كما قال أحد الثلاثة لا بد للثورة أن تكون ثورة عقول ، فبالقدر الذي تتكاثر فيه العقول المستنيرة يعجز النظام الفاسد عن التحكم فيها و يتنازل عن مكتسباته شيئا فشيئا . لا يشجع هذا المقال على الفتنة و افتعال الثورة و لا يدعم أي طرح ثوري بعينه ، لكنه خلاصة حوار شيق و انفعالات مواطن .

هشام الخضير
09.02.2014

ايت ملول  

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire