dimanche 14 septembre 2014

مقدمة معاصرة لبحث قديم في الدين و الجنس و الأدب

المثلية الجنسية 1 : البدايات و الأصول


مقدمة معاصرة لبحث قديم في الدين و الجنس و الأدب
بقلم :
هشام الخضير *
    في الحديث عن المثلية موقفان واضحان ، موقف الهجوم المباشر و الدفاع المباشر ، أما أن تجد موقفا وسطيا فهذا نادر جدا إذا استثنينا بعض الآراء الطبية التي تخرج المثلية من نطاق العلوم الإنسانية و النقاش الحر و تدخلها إلى الحقل الطبي الذي بدوره يعجز عن تقديم حلول ناجعة للظاهرة لأنه لا يملك تشخيصا دقيقا لها و أكثر من ذلك لا يريد العلم الإعتراف بعجزه عن ترويض السلوك العاطفي و النفسي و الاجتماعي و الميل الجنسي لدى الافراد المثليين . أما أنا فلست مهاجما و لا مدافعا و لكنني سأصير منافقا حين اقول أنني لست عنصريا و أن الأمر لا يضايقني للأسف لا زالت رواسب التربية المغربية جاثمة على صدري و لا زالت تدعم نظرتي الدونية لعدة أمور أقول للأسف . لا يليق بشخص متحرر مثلي أن لا يتقبل الأنماط الأخرى في الحياة .
    " في العلم والطب لا يُعْتَبَر التوجه الجنسي اختياراً، وإنما تفاعلاً معقداً لعوامل بيولوجية وبيئية. رغم الاعتقاد الشائع بأنَّ السلوك المثلي هو شذوذ أو اختلال، أظهرت الأبحاث أنَّ المثلية الجنسية هي إحدى التنوعات الطبيعية في الجنسانية الإنسانية. وهي بذاتها لا تشكل مصدراَ للتأثيرات النفسية السلبية على الفرد المثلي. لقد لوحظ ووُثِّق السلوك الجنسي المثلي لدى أنواع حيوانات أخرى أيضاً ." حسب ويكيبيديا و مراجع أخرى .

    لكن التاريخ الحقوقي في العالم يحفظ للمثليين ما قاموا به من محطات نضالية اسفرت عن تحقيق عدة مكتسبات من بينها الاعتراف بالمثلية كسلوك مدني طبيعي و ليس كحالة مرضية معدية وخطيرة قد تتسبب في طردهم من مهنهم أو نبذهم من الحياة الاجتماعية و الأسرية و قد تتسبب للبعض منهم في وضع حد لحياته و يشير أوسم وصفي  إلى أن ظهور المثلية لم يكن مرحبا به في العالم الغربي إطلاقا  :
" أثار هذا الظهور العلني للمثليين الكثير من الضغائن الاجتماعية ضدهم في صورة فصلهم من أعمالهم المدنية وإخراجهم من الجيش حتى أن الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور أصدر مرسوماً سنة 1953 بحرمان أي مثلي أو مثلية من الحصول على وظيفة فيدرالية. كثير من الإدارات المحلية وشركات القطاع الخاص نهجت نفس النهج كما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBIفي تطوير برنامج لمراقبة وتعقب المثليين. هذا بدوره دفع البوليس المحلي لممارسة الكثير من ألوان التمييز والتحرش بالمثليين. الجدير بالذكر أننا في عالمنا العربي لازلنا نعيش هذه المرحلة من التاريخ (يمكن مراجعة حادثة queen boat "كوين بوت" على موقع Human rights watch "هيومان رايتس واتش " / أوسم وصفي - الشفاء من الحب .

    الذي يثير انتباهي غالبا هو الزيجات المثلية التي تقام في الدول الغربية و تنتشر أخبارها بسرعة البرق في العالم العربي و على المدونات و صفحات الفيسبوك ، فقد انتشر خبر محاولة الزواج الفاشلة التي حاول ان يقوم بها زوج مكون من فرنسي ومغربي ، وقد ووجه طلبهما بالرفض بعلة أن القانون الفرنسي يعترف بالزواج المختلط حين يكون الطرف الآخر ينتمي لبلد يعترف بذلك النوع من الزواج . فالزواج المثلي غير معترف به في المغرب و القانون الفرنسي لا يستطيع التأشير على عقد زواج لا يمكن معادلته في القانون المغربي بعقد شرعي هذا لأن أحد الطرفين مغربي و لا يملك الجنسية الفرنسية و بالتالي فليس له الحق في ذلك الارتباط حتى ولو كان مقيما بفرنسا .
    لكن إشكالية الزواج المثلي تنبع من مبدإ آخر ، ففي البداية كان المثليون يرفعون شعار الاختلاف و الحق في اختيار الشريك و ناضلوا من أجل انتزاع الاعتراف باختلافهم ( reconnaître la différence des homosexuels dans la loi  ) و بالتالي الاعتراف بأن المثلي و المغاير و المثلية و المتحولين جنسيا أنماط اجتماعية و أنواع إنسانية موجودة في الطبيعة و لها نفس القدر من الانتماء للجنس البشري و لمؤسسة الدولة و مجتمع الحريات و الحقوق دون تفضيل نوع على نوع آخر . ربما اكتسحت الحركة المثلية العالم اليوم و لم يعد في العالم من ينكر وجود المثليين بين ظهرانينا إلا متحامل ، لكن الاعتراف بالاختلاف مبدأ نضالي تحقق له النجاح في أوروبا و أمريكا و آسيا مع بعض الاستثناءات الغريبة ( التايلاند / ايران /...) و لا زال في بدايته على المستوى الافريقي و العربي لكن هذا المسار التاريخي للنضال المثلي  لا يتسق مع  بعض المطالب الحديثة  كالمطالبة بشرعنة الزواج المثلي و هذا التناقض ليس من باب الحقوق و الحريات لكنه من باب المنطق لا يمكن لمن طالب و يطالب باعتباره موجودا بحق كباقي الموجودات مع اختلافه معها أن يطالب بالترخيص له في استعارة أنظمة متهالكة و خاصة بالنمط القديم كنظام الزواج ونظام الأسرة و نظام التبني ... لأنها ليست نتاجا لبنية المجتمع المثلي ، فالمثلي موجود مثل المغاير و بنفس القيمة و لكن ليس لنفس العلة و هما موجودان لكن مختلفان فلا يجري على المثلي ما يجري على المغاير من فكر و دين و لا أنظمة اجتماعية كالزواج و الطلاق .... و بالتالي إن الفرصة المتاحة للمثليين و لغيرهم ممن يسمون اليوم ب"الأقليات "- مع التحفظ الكبير- مهمة و ثمينة من حيث قابلية المجتمع المثلي على تطوير أنظمة اجتماعية جديدة دون وصاية من الدولة التقليدية و التاريخ التقليدي و بتحرر تام من الفلسفة و القيم التي ظهرت بالخصوص لحماية نظام اجتماعي مغاير و ليس مثلي . على المثليين أن يتأكدوا من أنهم سيبقون مثليين للأبد قبل أن ينخرطوا في أي نضال ، و لكي يحددوا ما يليق بهويتهم كما كانت في البداية و ليس كما ارتضاها المسار النضالي الذي تحكمت فيه التحولات الاقليمية الكبرى في العالم و لربما ليس كل مكسب خيرا . رهان المجتمع المثلي ليس التغلب على مجتمع مضيف بل الرهان الحقيقي هو تأسيس بنيات استقبال اجتماعية و فكرية جديدة و هو الحل الوحيد في نظري لكي يستمر هذا المنتوج الطبيعي و ينتزع مكانته الكونية من الكون لا من الكرة الأرضية فقط فهي نظام معتم  (un système opaque ) لا يليق باحتضان عنصر ضوئي جديد .
    أظن أنني نجحت في أن أكون أقل تزمتا و أكثر موضوعية رغم ما يمكن أن يقال من المؤمنين العميان الذين لا أرحب بهم هنا و لا انصحهم بقراءة المقال كما لا أرحب بالمثليين العميان كذلك أريد شخصا يقرأ ما كتب و ليس ما يريد أن يراه مكتوبا .
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هشام الخضير كاتب ومدون وشاعر . من مواليد مدينة أكادير سنة 1984 . مستقر حاليا بمدينة تارودانت ، مهتم بالفنون الشعبية و الأدب و الموسيقى الشرقية و بالتاريخ و الفكر . قلم شاب لا يدين بالانتماء لأي جهة أو حركة أوحزب و لا يدافع عن اي طرح فكري دون آخر . له ديوان قيدالطبع عنوانه : قصائد ضد مجهول .
* أستاذ التعليم الابتدائي بتارودانت .