samedi 5 juillet 2014

في مجتمع الزكاة ..................................الأغنياء يحتاجوننا ...؟؟

الأغنياء يحتاجوننا ...؟؟

                                                            هشام الخضير    

                                            

تعتبر فريضة الزكاة الركن الثالث من أركان الاسلام ، و سلوكا ذا تأثير على العلاقات الإنسانية ، و على الحياة الجماعية للمسلمين ، حيث يحس الفقراء بأن لهم حقا معلوما و فريضة مالية في ممتلكات الأغنياء و من هنا بدا الخلط الكبير الذي يطال العبادات في الإسلام . فالزكاة في الإسلام فريضة و ليست فعلا اختياريا . على كل غني أن يتزكى و يطهر نفسه بإخراج ما يوافق المقدار الشرعي مالا أو ما شابه ذلك .
لكن مع التطور التاريخي السريع تلاشت معظم التقاليد الدينية  و بقي المظهر الذي يسهل نقله من المجال الشرعي الأصلي الى المجال الشخصي لكل فرد على حدة . و لأن الإسلام لم يكن ابدا ضد التصنيف الطبقي ، بل الإسلام ديانة طبقية بامتياز ، فالقرآن يميز بين الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ، و يرفع الله الذين آمنوا و الذين اوتوا العلم درجات ، و الرسول كان له مقربون منه ، نتج عنهم نخبة سياسية تشكلت في مجلس الشورى الذي انتخب الخلفاء الراشدين بشكل غير( ديموقراطي ) بل بطريقة عاطفية جدا . كما استنبط المؤرخون المسلمون نظام التفاضل الطبقي في الدين الإسلامي ، و اعتمدوه لتصنيف تاريخ الاسلام و المسلمين فأوجدوا عصر الجاهلية انطلاقا من قراءة ذاتية أحادية البعد للنصوص الدينية ، و عصر الرسالة ، و عصر الخلافة الراشدة ، و عصور أخرى تتفاوت أفضليتها حسب قربها من عصر الرسول صلى الله عليه و سلم . هذا من جهة اما عن تشجيع التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع الواحد فهذا أمر تشجعه كل المراكز الدينية في الغالب و على طول الخط التاريخي للمجتمعات الدينية .
عودة الى موضوع الزكاة ، و فعل الخير عموما و التصدق و الإحسان ، نجد منا من يخال أن التطبيق الدقيق لمسطرة الزكاة و تعميم الصدقة قمين بأن يقضي على وجود طبقة تسمى الفقراء بشكل نهائي ، لكنه يصدم بالنموذج السعودي مثلا حين يجد الزكاة في كل مكان لكن الفقراء لا ينتهون ، صحيح أن معدل الفقر في الدول المتقدمة أكبر لكن الزكاة ليست الحل في المجتمعات المتدينة.
من وجهة نظر نفسية ، يشكل فعل الإحسان تفريغا للكبت لدى المقتدر و الميسور ، تجاه الفقير و المحتاج ، فبعيدا عن الأثر المباشر للإحسان على المستهدفين منه ( فرحة الفقراء و ابتهاجهم بما قدمه الغني) لم نجتهد لقراءة الآثار الإحسانية في اتجاهين بدل الاتجاه الوحيد ، الأغنياء يستمتعون بما يفعلون من خير و هذا ليس وصفا عاديا ، فالمتعة هنا نوع من الليبيدو المعقد الذي يظهر على شكل مساعدة و ايثار و بر و... بينما يحقق نشوة شبقية لدى المحسن و المتصدق و فاعل الخير كأنه يخلق لديه إحساسا بالأهمية و الجدوى و الوعي الأكثر خطورة بقدرة الفوارق الطبقية على التأثير و الإمتاع .. و بالتالي رغم المجهودات الخيرية الدائمة و المتزايدة لن ينقرض الفقراء و لن يغتنوا أبدا لأن الأغنياء المحسنين لا يريدون ذلك ، لذا ينفقون بالقدر الذي يسعد هؤلاء لليلة واحدة و يرسخون للحاجة الدائمة للفعل الإحساني و هو في النهاية تكريس للفروق الطبقية أي للثنائية الهيجلية السيد/العبد و بالتالي فعل الخير ليس سوى  ترسيخ للفقر بشكل مهيمن و متين . و القضاء على الفقر سيتطلب من المهتمين عملا ممنهجا أكثر من مجرد زكاة .
و بما أنني كنت فقيرا جدا في يوم من الأيام ، و اليوم بحمد الله صرت متوسط الدخل ، فقد تعرفت على فعل الخير و فاعليه عن قرب شديد ، و استفدت من بعضه بكل فرح و رددت لأهله الابتسامة و الشكر في مقابل العطاءات المادية ، و قد واجهت أحد الأغنياء الجدد حينها و كان لي صديقا ، بهذا التحليل السلبي لعملية الزكاة و أعمال الخير فقال أنه لا يحس وازعا دينيا ولا نفسيا طيبا يدفعه الى فعل الخير بل كان يحسن الى الناس لأنه غني فقط لسبب واحد أن المجتمع يجعلك أكثر احتراما حين تكثر من فعل الخير ، تشتري قلوبا و عقولا و أجسادا و ربما أصواتا في الانتخابات ...

ما يثير الغرابة هذه الأيام ، أن معظم هيئات المجتمع المدني تشارك في الأنشطة التضامنية و الخيرية بشكل مهم خلال شهر رمضان خصوصا ، و خلال المناسبات الدينية الأخرى ، و جمعيات أخرى جعلت فعل الخير تخصصا جمعويا ، وهو أمر يبشر بالخير ، و يدل على أن أخلاق التكافل و التضامن لا زالت موجودة بل و هي من أولويات المجتمع المدني في المغرب ، لكنها لا تعدو أن تكون ترقيعات لجلباب الفقير و ليست حلولا واعدة ، فالزكاة ( و لا نقصد بها الركن الثاني في الإسلام فقط ) أي السلوك التعاوني في الإسلام يجب أن تكون مشاريع مستمرة و مواكبة لا أن تكون حملات اجتماعية تستهدف البطون و العيون كمشاريع القفف الرمضانية التي لا تحتاج الى جمعيات معروفة في المجتمع المدني للقيام بها . عدوى ترسيخ الفقر و الاتكالية انتقلت من الأفراد إلى المؤسسات الاجتماعية فلا تفرحوا أيها الفقراء لن تغتنوا ابدا ما دام الأغنياء يحبونكم سيصنعون منكم الكثير . انها الحقيقة الأغنياء في حاجة الينا .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هشام الخضير كاتب ومدون وشاعر . من مواليد مدينة أكادير سنة 1984 . مستقر حاليا بمدينة تارودانت ، مهتم بالفنون الشعبية و الأدب و الموسيقى الشرقية و بالتاريخ و الفكر . قلم شاب لا يدين بالانتماء لأي جهة أو حركة أوحزب و لا يدافع عن اي طرح فكري دون آخر . له ديوان قيدالطبع عنوانه : قصائد ضد مجهول . * أستاذ التعليم الابتدائي بتارودانت . 

المصدر: http://almaghribihicham.blogspot.com/2014/09/blog-post.html