dimanche 22 décembre 2013

نهاية العالم و اشكالية الخلاص

       الحديث عن نهاية العالم و اخر الزمان موضوع متجدد . و لا يدخر أي تيار مجهوداته لتأكيد النهاية الفريبة ، فالتيار المؤيد لنظرية المؤامرة يقول أن هناك مخططات كبيرة لمواجهة كوارث آخر الزمان . كما يؤكد بعض المسلمين أنه لا بد من تقهقر حضاري كبير ، قلن نقوم الساعة حسب هؤلاء إلا يالسيف و الرمح و الأسلحة القديمة، و الجيوش البدائية .
يفضل الكثير من المحللين و رواد المقاهي الشعبية أن يربطوا بين الأعاصير السياسية و إعصار كاترينا .



1 - الحديث عن نهاية العالم و آخر الزمان ، حديث متجدد ، فأحيانا يتخذ شكل المقالات الموغلة في تعداد علامات الساعة ، و أحيانا على شكل فيديوهات على اليوتيوب تحلل المؤامرة الغربية و تربط الماسونية العالمية بالتطور التقني و العلمي .. ثم تؤول كلاما لابن خلدون بما يناسب فكرة النهاية الحتمية .
فمن قائل أن هناك مخططات لبنايات مقاومة لزلازل و كوارث آخر الزمان من صنع الغرب طبعا ، كالباحث النورفيجي الذي تحدث عن بنايات تحت الأرض مقاومة للزلزال و الطوفان و ما إلى ذلك من أشكال غضب الطبيعة . الغريب أن يجد هذا الطرح حاضنا دينيا كالإسلام ، فقد شارك بعض العلماء المسلمين و الفقهاء المعروفين في بناء التصور الكامل لعقيدة الفناء باستعمال آخر المقولات العلمية و التأويلات المصاحبة لها .
وحسب هؤلاء ، و دون موافقة ابن خلدون ، لا تقوم الساعة حتى يحصل التدهور الحضاري التام ، كما يصورون حروب آخر الزمان بشكل هوميري ( نسبة إلى هوميروس ) فهي حروب مبيدة لكن بأسلحة القرون البائدة ، كالسيف و الرمح و الحجارة والمقلاع و المنجنيق و هلم جرا .. لذا لا بد من اندحار الحضارة و اختفاء ما وصلت اليه البشرية من تطور في التكنولوجيا و العلوم و التسلح ، و تقوم الحرب العالمية الأخيرة على رؤوس السيوف و الحراب و بواسطة الجيوش البدائية .
2 – يفضل الكثير من المحللين الجيوسياسيين ، و معهم الكثير من رواد المقاهي الشعبية و قراء الجرائد أن يربطوا بين الأعاصير السياسية و إعصار كاترينا ، فالتغييرات و القلاقل و الحروب السياسية التي لا زالت تجتاح الشريط العربي منذ سنة 2011  مشهد صريح عنوانه بداية النهاية . بينما يؤول ذوو المرجعية الدينية الأشياء بدقة أكثر ، فما هي إلا نهاية الملك الجبري ، أو الملك العاض و ما هي إلا علامات اقتراب الخلافة على منهاج النبوة هكذا يقرأ بعض الإسلاميين أوضاعهم المزرية على ضوء حديث الخلافة المشهور . و لا زالت فضيحة النبوءة الكاذبة التي جعلت من سنة 2012 موعدا لنهاية الزمان ، تجوب أنحاء العالم دون أن يتحدث أحد عن خيبة المتنبئين الذين حصل بينهم إجماع غريب لأول مرة في التاريخ حول شيء لم يحدث مطلقا . فقد تنبأت الحضارات القديمة بذلك كما فعلت بعض الجماعات الدينية المعاصرة بل حتى الثقات من الفقهاء و الواعظين و علماء الغرب ، البعض منهم أكد هذه النبوءة التي لا اثر لها و لا نراها تتحقق حتى اليوم .
3 – الإشكالية الكبرى التي طرحت بقوة خلال رحلة الهذيان الطويلة حول زمان الفتن و قيام الساعة ، هي فكرة الخلاص و هي مسألة إيمانية أصلا و لا يحتكرها دين معين ، بل تطرح نفسها داخل المنظومات الدينية السماوية المتنوعة مذاهبها في كل بقاع الأرض لكن تختلف حدتها و معقوليتها لأسباب جغرافية لا غير .فالمؤمنون في الإسلام و اليهودية يعتبرون أعمالهم في الدنيا بوابة لخلاصهم الفردي يوم الحساب ، بينما تشذ عقائد المسيحيين عن القاعدة إذ بالنسبة لهم المسيح المخلص هو من جاء ليخلص المؤمنين و دفع ثمن خطيئة البشرية بداية من تفاحة آدم إلى سوء أدب بني اسرائيل مع الله ، دفع الثمن من جسده و حياته فعذب و صلب حتى مات . اما العقلانيون فالإيمان بالله و اختيارات الخلاص لا تتعدى كونها الاحتمال الأكثر أمانا في مربع باسكال . في النهاية الخلاص لا يمكن أن يكون إلا فرديا و هذا ليس استنتاجا مما سبق بل هو احتكام إلى ما نريد و ما ننتمي إليه .
4 – ولتكن النهاية قريبة جدا ، و ليكن أمامنا بضع سنوات أخيرة قبل الإغماضة الأخيرة ، فماذا كنا لنفعل ؟ قد نتسارع لملء الصفوف في المساجد ، و نكثر من فعل الخير و الإحسان ، أو نختار المغادرة بطريقة ملحمية كالاستشهاد في غزة ، و ربما ننزوي في ركن صوفي هادئ و نجلد النفس الأمارة بالسوء في طقوس مزوخية من الحرمان و التوحد . لكن هل تكفي بضع سنين لمحو ظلم البشر و سوء تأثيرهم على الكون ؟ نحن نؤمن بالأمة الناجية و المسلمون يعتقدون في شفاعة النبي ، أمتي .. أمتي و طمأنه الله على أمته بعد أن أكد للنبي ابراهيم أن : « لا ينال عهدي الظالمين » . لقد دمر الإنسان كوكبا جميلا منذ حطته خطيئته الأولى لأول مرة على الأرض ، و تعوَّد على الاستمتاع بظلال النعم و هذا ما وجده على الدنيا و استروى منه و لما يرتوي . و حلل هيجل خضوع الناس لأقواهم حين فكك جدل السيد و العبد . و بعدنا عن الطبيعة البشرية حين تورطنا في تطوير ما لا يشبهنا حتى يشبهنا ، و حين لم ننجح تخلينا عما نكون لنصبح ما كنا نحاول صنعه .
5 – نهاية العالم ظاهرة تستند إلى الفلك ، قد تكون الكرة الأرضية غيرت موقعها منذ زمن غابر ، بسبب مرور مذنب ضخم قربها ، و هذا ما سمح للناس أن يولدوا و يعيشوا عليها ، و بعد عودة هذا الجرم الفضائي الضخم من جديد سوف نرى تغير وجه الأرض من جديد ، و ربما ننتقل لنعيش مع سكان الأرض المجوفة ، و لا ندري متى يحط اول صحن فضائي لينقذنا من الزوال و المحو ، كلها اقتباسات من عدة مراجع مكتوبة و شفوية تختلف من حيث الجدة و الثبوت و الصدقية و تتفق في شأن وحيد هو سهولة التلاعب بما يعتقد فيه الناس ، لا شيء ثابت عن نهاية العالم ، كل النظريات الفلسفية افلست ، و كل الأبحاث العلمية لا تزال تبحث عن دليل دون أن تجد شيئا لا يقبل الاختلاف ، و كل المذاهب و الأديان تروج لما تريده و ترضاه دون أن يحرزوا تقدما ملموسا ، إنه استقرار الإنسان على الأرض ، استقرار زاد من حضورنا على كوكب مسالم ، و دمر معالم الجمال التي كانت موجودة قبلنا ، فعشقنا الجمال و الجسد الجميل ، و أحببنا الأرض ، و أحببنا السلطة التي تنتج عن التعلق بالأرض و سكانها ، و أحب بعضنا أن يخلد على حساب البعض . إنه الاستقرار الذي يولد الوهم .
هشام الخضير

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire