هشام الخضير 15 اكتوبر 2013
عندما يتحول التعبير و الرأي و الخوض في
السياسة و العمل في الصحافة و التفكير و التحليل السياسي و الشعر السياسي الى جنحة
، لا مجال للحالم كي يحلم .
اولا علي لمرابط ، رشيد نيني ، و اليوم علي
انوزلا ، و غدا شخص ما ، بعد غد ... لا احد . في البدء كانت الكلمة ، واليوم لا
زالت هي فقط تقتل و تحيي . البشر عبر التاريخ يجرمون الكلمة فقط و دائما إذا اختلف
المنطوق مع المنتظر . و هكذا ولدت المعارضة . قابيل حسب العهد القديم بطل نوعا ما
، لأنه اختلف في الرأي لكنه مجرم لأنه قتل . و النفس بالنفس . الكلمة بالكلمة هكذا
نقيس على القصاص .
لكن القرآن ذكر قابيل بما ارتكبه من نزع
الحياة وقتله لأخيه و لم يخض في الأسباب الأخرى . الفعل الجرمي ظاهر و منبوذ في كل
زمان و ليس فقط في الصحف و التعاليم الدينية . لكن إثبات عنف الكلمة يحتاج الى
أكثر من ذلك . و السلطة التقديرية للقضاء غالبا تجانب الصواب لأنها رغم الانطلاق
من النص القانوني التفصيلي ، هذا ان وجد ، تخضع لتأويل سريع و موجه و بالأساس تخضع
لذاتية الشخص الذي يتولى مهمة التأويل .
اثبات عنف الكلمة و قياسها على الجرم المشهود
ليس صحيحا بالمرة ، لا شكلا و لا مضمونا . النظام التواصلي الوحيد الذي يعتبر
الفكرة و الكلمة كالفعل هو التواصل مع الله ان كانت نية سعي في الخير ، و ان كانت
في غير خير فهي دون حكم حتى يثبت الفعل و يجازى من سعى في الخير عشر مرات عن نفس
الشيء ، بينما يحسب سيئة لكل عمل سيء . ما أعدل الخالق و ما أظلم العباد .
الكلمة في ايامنا لا تغير شيئا ، كأن تسمع
وعودا من مسؤول كبير ، هذا لا يعني شيئا حتى يقع الأمر ، و إن وقع فإنما على رأس
المواطن . كأن نسمع وعدا بالإصلاح الشامل و يقع على رؤوسنا زيادة في الأسعار مثلا
.
لكن الكلمة ذاتها إذا انطلقت صعودا من
المواطن الى أعلى ، فهي كفيلة بقلب حياته أعلاها سافلها ، وليخرج بعدها من بؤس
الأسر وحسرة الخذلان مخذولا مهانا بعد أن يبيع ، راضيا أو مضطرا ، روحه الثائرة ، ويحاول
أن يقنع المتتبعين و المتعاطفين بأن أداءه كان جيدا أمام السلطات و أنه لم يخضع و
خرج منتصرا ليواصل على نفس الخط النضالي ضد الفساد .
في بلد يحلم بالنمو ، على أبواب أوربا و
الخليج العربي ، ما أكثر ضحايا الرأي و ما أكثر الجبناء ، و قلة قليلة من
المتتبعين الأوفياء لنفس الخط التحريري يغيرون الجرائد و الأعمدة عن كثب غير
مستسلمين لواقع اختفاء جرائدهم و كتابهم المفضلين من مجالهم البصري الحي .
لا أحد يفكر مثلما يفكر القارئ في صمته و
جبنه و كثرة تأويلاته ، القارئ يمتلئ فكرا و حرية و أمنا و تسامحا حين يقرأ الرأي
الحر المنفك عن كل أدوات القمع ، القارئ جبان لنه لا يجرؤ أن يكتب اشياء فكر فيها
قبل من كتبها و حملها اليه على جريدة . القارئ يفضل أن يمسكه الكاتب من تحت ساعده
و يراقصه على نغمات زوربا السريعة ، في حمى لا متناهية ، ويرسله الى مقعده هادئا
على نغمات ماجدة الرومي و اغنية كلمات ...ليست كالكلمات .....
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire